بعد أن تخف حدة فضول معرفة الآخر والإلتصاق الحميم به، وبعد أن يخفت صوت نبضات الجنس، بعد كل هذا يبدأ الحبيان كلاهما فى ملاحظة عيوب الآخر التى لم يكن يلاحظها أو بالأصح كان يهملها ويتجنب التفكير فيها، ويبدأ فى التسلل كاللص من الشباك، لكنه اللص الذى لايهاب صاحب البيت فيدخل بلاقناع أو قفاز تاركاً بصماته متعمداً على كل الأبواب وكل الجدران.
يحدث الإحباط حين نصدم بأن الحب لم يلبى كل طموحاتنا، ولم يكن على مستوى مامارسناه فى الخيال، وماحلمنا به تحت ضوء القمر، وتتضخم خيبة الأمل حين يكتشف الطرفان أن الحب ليس ذلك الدواء السحرى الذى يشفى كل الأوجاع، إنه ليس الميلاتونين أو الفياجرا بل هو مجرد شربة زيت خروع !.
يبدأ الحبيبان فى هذه المرحلة عقد إمتحانات وإجراء إختبارات كل على الآخر، ويتقمص المحب دور مصحح الثانوية العامة فيمنح درجات لمدى قوة الحب، ومدى بقائه وإشتعاله، والغريب أنه لايسمح بلجان رأفة أو رفع تقدير، بل يكون ممتحناً قاسياً إلى أبعد حد، ولاتحتوى ورقة الأسئلة على أية أسئلة إختيارية فكلها إجبارية تتعلق بمستقبل ذلك الحب، أسئلة من قبيل "هل سأستطيع البقاء مع هذا الشخص أم أننى لابد أن أنفذ بجلدى سريعاً، وإذا قررت النفاذ فمتى وكيف؟".
وتبدأ الغيرة فى الإطلال برأسها القبيح، ويبدأ الغضب والصراع والمنافسة فى طعن العلاقة من الخلف، وبالطبع هذه هى أسوأ التوقعات، ولكنها عادة ماتكون فى تلك المرحلة الإنتقالية مرحلة "إختبار عواطف بعواصف"، وإما أن تمر هذه العواصف بسلام وتبدأ مرحلة الوقوع فى الحب ثانية، وإما أن تجبر أطراف العلاقة على توقيع هدنة مؤقتة، ويمكن أن تؤدى هذه الهدنة إلى مرحلة إنتقالية أخرى، أو تؤدى مباشرة إلى حب العشرة الذى سنتحدث فيه فيمابعد، ولكن كيف تنجح المفاوضات أثناء هذه الهدنة؟.
أعتقد أن المفاوضات تنجح بشئ من المشاركة والمرونة وشئ من الحظ أيضاً تحل الصراعات وتعود العلاقة إلى سابق عهدها فى مرحلة ممارسة الحب.
كلمة السر دائماً فى إجتياز هذه المرحلة بنجاح أن نتأكد من أن الثقة فى علاقة الحب ليست هبة من السماء، ولكنها فى الواقع صناعة بشرية 100%، إنها ليست مادة خام فى منجم او بترول فى بئر ولكنها قطعة "سيرما" رشيقة وفاتنة hand made – صناعة يدوية – وليست بالروبوت!.